بحبر/ رئيس التحرير
نص مُكثّف،صغير يُلخص فيه الشاعر الفرنسي لويس آرغوان الكثير من معانٍ وتزاحم رؤى وأفكار يقول فيه؛” كُلنا سنموت.. أنا .. والمَلك والحمار،الحمار من التعب.. المَلك من الضجر، وأنا من الحُبّ.”،كُدتُ أتشمّم في رائحة هذا الهمس بلاغة درس نجح في أن يتهجى حروف الحُبّ، الحب الذي هو أعذب درسِ في القوة، بحسب وصف أحد دُعاة فلسفة وثقافة اللاعنف، ولان الصداقة بوصفها حالة مهمة من حالات تجسيد صدق مشاعر بدرجاتها الارحب والأسمى بين فئات وأحوال الناس، إلى جنب عن كونها العاطفة الوحيدة التي لا يستهلكها الزمن، لكن وفي حدود معرفتنا، أننا لم نقرأ في صفحات تأريخنا العربي -على أقل مستوى وتقدير- عن حقيقة وجود أية علاقة أو صداقة جمعت تحت سقفها شخصاً من عامة الناس، بشخصيّة ملك أو أمير، أو من يدانيهم منزلة هذا المجد، وهُمّ في أعالى مراتب السلطة، بفروق قواسمها وخواص متطلبات من يتولى لِعب دور من أدوار وحشتها، أي نعم فالسلطة وحشة، بحكم دوام الحاجة لممارسة القوة والقسوة، تحت طائل أي مسعى من تبرير أو تمرير، ربما تكون صداقة أبو الطيّب المتنبّي بسيف الدولة الحمداني،تحمل نكهة من ذلك الاستثناء، لكنها لم يدم طويلا، فسرعان ما بدّد الحسد والغل والغيرة من لدّن الأصفياء والماشية “عفوا” اقصد الحاشية والاتباع من الذين كانوا يحيطون بسيف الدولة، الذي أضطر -تعسّفاً وظلماً- الى قذف صديقه الشاعر الأقرب إلى نفسه، بأقرب محبرة كانت في متناول يديه، جرحت تأريخ وكرامة وشاعرية “مالئ الدنيا وشاغل الناس، ولم يمنع تدفق الدم مسكوباً من رأسه وجبينه المُضمّخ بالحبر من أن يكمل أبيات قصيدته؛” يا أعدل الناس الأ في معاملتي/// فيك الخصام وأنت الخصم والحكم”،كما ولم يُوقف نضح تعرّقاتهً ممزوجةً بسيل دمائه و شماتة حُسّاده من المروّجين لقتله ونَحر عبقريته، من أن يقول بحرقة وغيظ ألم؛ “شّر البلاد مكان لا صديق به// وشّر ما يكسب الانسان ما يصم”،فيما يُذكّر تأريخ ماضينا القريب عن حدثٍ زار فيه الزعيم عبدالكريم قاسم بيت الجواهري في منطقة الأعظمية، فتحوّل البيت الى حائط مبكى ومركز طوعي لأستلام عرائض وأسترحامات وشكاوى المواطنين،حين علموا بوجود الزعيم الأوحد في بيت شاعر العرب الآكبر الذي ضاق ذرعاً بهدير أصواتهم المحتشدة وهي تردد ملء حناجرها ؛” عاش .. الزعيم عبدالكريم …..” أيام لم نكن قد وصلنا-أنذاك- لشعار؛”بالروح بالدم … نفديك … يا …”،بيد أن هذه الحكاية تقول عن عمُر تلك الصداقة-هي الأخرى لم تدم طويلا- تعود خيوط نشأتها لما قبل العام / 1958 في عيادة طبيب في لندن،وسرعان ما أنتهت بان عاقب الزعيم صديقه الجواهري-جراء خطأ غير مقصود- بفرض “كفالة” قدرها درهماً عراقياً واحداً-لا غير-هي ثمن طابع عريضة عليه أن يتقدّم للاعتذار والعفو،لكنها في حقيقتها أرادت النكاية والنيل من شاعرية …. يا دجلة الخير …يا أم البساتين.
ح.ع.الحميد
+ There are no comments
Add yours