مع تزايد انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات الحياة اليومية، بات الكثيرون يلجأون إليها لتخطيط رحلاتهم السياحية. لكن خبراء يحذرون من أن هذه التكنولوجيا، رغم قدرتها على تقديم مقترحات سريعة ومغرية، قد تُضلل المستخدمين بمعلومات غير دقيقة أو حتى مختلقة.
أمثلة واقعية على “هلوسات” الذكاء الاصطناعي
وفق تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC عام 2024، اقترح أحد التطبيقات على مسافر بريطاني مسارًا ماراثونيًا عبر شمال إيطاليا غير قابل للتنفيذ، بينما أبلغ آخرين بوجود برج إيفل في بكين. أحد المستخدمين علّق: “كنا سنقضي وقتًا أطول في المواصلات من أي نشاط آخر”.
الأمر لم يتوقف عند ذلك؛ ففي حادثة أخرى تناولها موقع Fast Company، سافر زوجان إلى ماليزيا بعد مشاهدة مقطع على “تيك توك” عن تلفريك خلاب، ليكتشفا عند وصولهما أن المَعلم لم يكن موجودًا من الأساس، بل كان الفيديو مولّدًا بالكامل بالذكاء الاصطناعي.
استطلاعات الرأي: ثقة متزعزعة
أظهر استطلاع رأي أُجري عام 2024 أن 37% من المستخدمين يرون أن أدوات الذكاء الاصطناعي لا تقدم معلومات كافية عند التخطيط للرحلات، فيما قال 33% إن التوصيات التي تلقوها تضمنت بيانات خاطئة.
لماذا يحدث ذلك؟
بحسب رائد غني، أستاذ التعلم الآلي في جامعة كارنيغي ميلون، فإن نماذج اللغة الكبيرة مثل “تشات جي بي تي” و”غيميني” لا تمتلك فهمًا حقيقيًا للعالم، بل تُنتج إجابات تبدو واقعية عبر تجميع الكلمات إحصائيًا. هذه العملية قد تؤدي أحيانًا إلى معلومات دقيقة، لكنها كثيرًا ما تُنتج ما يُعرف بـ”هلوسات الذكاء الاصطناعي” — أي بيانات مختلقة تُقدَّم بنفس الأسلوب الذي تُعرض به الحقائق.
آثار على التجربة الإنسانية للسفر
يرى خبراء نفسيون أن هذه “الهلوسات” لا تقتصر على التضليل العملي، بل قد تُشوّه تجربة السفر ذاتها. يقول المعالج النفسي خافيير لابورت إن السفر الحقيقي يُعزز التعاطف والتفاهم من خلال التفاعل المباشر مع ثقافات مختلفة، لكن عندما يحصل المسافر على صورة زائفة عن مكان ما قبل زيارته، فإن التجربة قد تفقد معناها الأساسي.
تنظيم مرتقب… لكن محدود
تعمل حكومات عدة، منها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، على إعداد لوائح لفرض علامات مائية أو إشارات مميزة على المحتوى المُولّد بالذكاء الاصطناعي، بما يساعد على كشف الصور والفيديوهات المزيفة. غير أن هذه اللوائح لا تعالج مشكلة المحادثات النصية المباشرة مع روبوتات الدردشة، حيث يمكن اختلاق معلومات في أي لحظة.
النصيحة للمسافرين
يؤكد غني أن الحل العملي اليوم هو التحقق المستمر من أي معلومة يقدمها الذكاء الاصطناعي، خصوصًا في مجال السفر حيث الوجهات غالبًا غير مألوفة للمستخدم. ويضيف: “إذا بدا الاقتراح مثالياً أكثر من اللازم، فتأكد منه جيدًا. فالوقت الذي تقضيه في المراجعة قد يساوي في النهاية الجهد المطلوب للتخطيط بالطريقة التقليدية”.
+ There are no comments
Add yours