سعاد الصباح في المغرب.. تكريم ومسيرة ضوء

نمتار – المغرب

 

في زمن تتسارع فيه التحوّلات وتغيب فيه البوصلة الثقافية أحيانًا، تبقى بعض الأسماء علامات فارقة في مشهدنا العربي، ليس فقط بما قدّمت، بل بما ظلّت تمثّله من قيم ومواقف. من بين هذه الأسماء، تبرز الدكتورة سعاد الصباح، شاعرةً ومفكّرةً وإنسانة، تشكّل جسرًا نقيًّا بين الكلمة والموقف، بين الإبداع والالتزام. وفي خطوة تحتفي بهذا الرمز الثقافي، يسجّل المهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بمدينة الناظور المغربية، موعدًا جديدًا مع الاعتراف بالجميل، تحت شعار “الوفاء للوفاء”.

في إطار الاستعدادات المكثّفة للدورة الرابعة عشرة من المهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة، المقرّر تنظيمه بمدينة الناظور المغربية خلال الفترة الممتدة من 15 إلى 20 نوفمبر المقبل، قام وفدٌ رفيع من مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، إلى جانب اللجنة العلمية للمهرجان ورئاسته، بزيارة رسمية إلى العاصمة الكويتية.

ضمّ الوفد شخصيات بارزة يتقدّمها الأستاذ عبد السلام بوطيب، رئيس المركز ومدير المهرجان، والأستاذ أحمد اخشيشن، وزير التربية والتعليم العالي الأسبق في المغرب، إلى جانب المفكر العراقي البارز الدكتور عبد الحسين شعبان، رئيس اللجنة العلمية، في خطوة تعكس البعد الثقافي والرمزي للزيارة.

وكانت وجهتهم واحدة: لقاء الدكتورة سعاد الصباح، الشاعرة والمفكرة الكويتية، والرمز العربي الذي جمع بين نبض القصيدة وعمق الفكر، وذلك لتقديم دعوة رسمية لحضور فعاليات المهرجان وتكريمها خلال حفل الافتتاح، تقديرًا لمسيرتها الاستثنائية في ميادين الإبداع الإنساني، والدفاع عن القيم الثقافية، ونُصرة الكلمة الحرّة.

 

“الوفاء للوفاء”… تكريم استثنائي لاسم استثنائي

وجاء اختيار سعاد الصباح للتكريم في إطار شعار الدورة: “الوفاء للوفاء”، باعتبارها صوتًا نسائيًّا عربيًّا صادقًا في معركة الكلمة والفكر، وواحدة من القلائل الذين أرسوا عبر عقود طويلة جسور التواصل الثقافي بين المشرق العربي والعالم.

وعبّرت الصباح، في لقاءها بالوفد المغربي، عن امتنانها واعتزازها بهذا التكريم، واصفةً إياه بأنه “وسام محبة من المغرب، بلد النبل الثقافي، وموئل الإنصاف والمصالحة التاريخية”، مؤكدة أن الذاكرة المشتركة لا تنفصل عن وجدان الأمة، وأن تكريم الكلمة هو تكريم للضمير العربي الحيّ.

جسور تمتد من الخليج إلى الأطلسي

الحدث المنتظر سيشهد مشاركة شخصيات فكرية وفنية وحقوقية مرموقة من الخليج العربي وأمريكا اللاتينية وأوروبا، في تجسيد حيّ لتوجّه المغرب نحو توسيع آفاق التلاقي بين الثقافات، وإعادة الاعتبار للذاكرة كرافعة للحوار والسلام، حيث تتحوّل السينما إلى منصة للتفاهم الإنساني.

وفي هذا السياق، يؤكد مركز الذاكرة المشتركة، من خلال هذه المبادرة، على التزامه العميق بإبراز الدور الحيوي للثقافة والفن في بناء عالمٍ أكثر إنصافًا وتسامحًا، حيث تتحوّل الذاكرة من خزان للآلام إلى معبر نحو الأمل المشترك.

في تكريم سعاد الصباح، لا يكرّم المهرجان اسمًا أدبيًا فحسب، بل يكرّم تاريخًا من المواقف النبيلة والكلمات المقاومة والجسور الممتدّة بين الشعوب. وما فعله مركز الذاكرة المشتركة ليس سوى ترجمة لفكرة عميقة: أن الثقافة ليست ترفًا ولا مهرجانًا عابرًا، بل رسالة، ومسؤولية، وذاكرة تعيد للإنسان صورته الأكثر نقاءً.

وفي زمن تتقاطع فيه الأزمات، تبقى المبادرات الثقافية من هذا النوع بذور أمل تُزرع في أرض الوعي العربي، علّها تثمر غدًا مشتركًا، أوسع أفقًا، وأشدّ إنسانية.

You May Also Like

More From Author

+ There are no comments

Add yours