بحبر/ رئيس التحرير
الأسئلة مفاتيح، يقول “ريلكَه” فيلسوف ألمانيا وحكيمها، ثم سرعان ما يردف قوله متسائلاً: “إلى متى سنبقى نُطلقُ الأسئلة؟!”
من هنا نقول: لماذا نمتار؟
قبل الإجابة التي ستأتي ضمناً، نمتار أو نمتارا أو نمتاروا، هو بحسب الأساطير السومرية إله صغير يعني “القدر” أو “المصير”. كان وزيراً وخادماً للإلهة إريشكيجال، إلهة العالم السفلي، حيث يتم استدعاؤه لتنفيذ إرادتها بغية إنقاذ الناس في حال تعرضهم للكوارث والأوبئة وغيرها من المصائب والأخطار. لذا، استحضرناه رمزاً وأثراً من مآثر ورموز حضارات بلاد ما بين النهرين، المعروفة باسم “ميزوبوتاميا” – أي نعم، حضارات وليس حضارة واحدة – وليكن نمتار حاملاً اسم هذه الوكالة وهي تخطو أولى خطواتها بتسوير وعي حريص وثقة خبرة موثقة في محافل الإعلام ودهاليز الصحافة.
ولتجدد نمتار أبهتها الناصعة والأثر في آفاق وتطلعات الشباب، حيث هم نبض وجذوة ضمان المستقبل، وكل ما ننتظره منه وما يحمله للعالم أجمع من ذهول التطورات وفيض العلوم ووفرة ما قدمته لنا تكنولوجيا المعلومات، وما يختصره الذكاء الاصطناعي من جوائح وأخطاء الزمن، ومحو ما هو متوفر منها، وصولاً إلى نتائج دقيقة جداً ونافعة ومفيدة. لذا، يجب السعي لإعادة تعريف فهمنا للحياة وما يحصل فيها وما يحيط بنا. ولعل هذا هو لُبّ وجوهر من دعا وبادر إلى تأسيس هذه الوكالة، فهي الأولى من نوعها في العراق، من حيث تفردها ودواعي فهمها لأهمية الذكاء الاصطناعي والتدوين والتوثيق الرقمي، وكامل ما تحقق من نتائج الثورة الرقمية وخصائصها الرامية إلى تغيير معنى وشكل العالم.
وإذ تتخذ “نمتار” شعارها: “سِرّ ببطء.. تصل بسرعة”، وهي تستظل برهان وعنوان فلسفتها في الذهاب نحو المستقبل، فإنما لتكون مرآة وعيناً باصرة وقريبة جداً مما يحتاجه الجميع، معمّدة بروح وعقلية إعلام رائد يتوخى الدقة ونبل المصداقية وشرف الشفافية، من خلال اعتماد تكنولوجيا المعلومات وبراعة الإعلام الرقمي وما يحمله من تنوعات مذهلة، أضحت علامة فارقة وحاسمة في عصرنا الراهن.
فيما تتراءى الرؤية الخالقة لمحتوى حصري ومدروس في كافة المجالات الحيوية، من حيث قدرة الفنون بكل ما تملكه من قوى ناعمة، محرّضة على الحُبّ والتآخي والجمال، وكذلك جميع مقتربات الثقافة والمعرفة والفكر، من خلال تحليلات معمقة ودراسات وأفكار، فضلاً عن بلاغة السعي لإنتاج كل ما هو مرئي ومنظور وفقاً لأفضل المعايير وأحدثها – كما نوّهنا في مجال التوثيق والتدوين الرقمي – وغيرها من مصبات الثقافة وقضايا الدفاع عن حقوق الإنسان وموضوعات اللاعنف والتسامح، وبما تسمح وتتسع به فضاءات الفضول المعرفي وتحليقات ممكنات الذكاء الاصطناعي، التي اجتاحت العالم وقرّبت مساحاته حدّ التماهي ما بين الواقع والخيال، وإن كان الواقع أكثر ثراءً من الخيال.
ح. ع. الحميد
20 تشرين أول 2024
+ There are no comments
Add yours