ماركس شكسبيرياً .. شكسبير ماركسيّاً !!

 

بحبر / رئيس التحرير

   أهجسها معادلة تَرادفت مُنسابة، معقولة ومتوازنة، مرهونة بذكاءٍ متمردٍ، ربما ،جاء -قصداً- يُعاكس المألوفية، أملاً بظفر وفوز بمقبوليّة برعت تحتمي بمعقولية، أظنّها هادفة، مرادفة، متسقة مع شروط بحث وحفريات دراسة وطرائق تحليل، تلك التي حملها عنوان عمودي هذا” ماركس شكسبيرياً.. شكسبير ماركسيّاً المأخوذ والمستل -أصلاً- من أحدى فصول كتاب الناقد “رضا الظاهر” الموسوم بعنوان “شكسبير ..مقاربة جمالية ماركسية” الصادر حديثاً -بطبعته الاولى- هذا العام عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع العراق- محافظة بابل، ومع دواعي بعض هذا الإستغراب الذي يقف عند حدود مسافات العقود الاربعة التي تفصل ما بين ولادة عبقريتيّن أثيرتيّن هما وليم شكسبير وبراعة مسرحياته الذائعة الشهرة والصيت و كارل ماركس بنظرياته التي غيّرت من جملة مجريات ما شهده العالم بضوء سواعي فهم وفراسة تحليل حيوي ونهج ديالكتيكي يتعانق والاقتصاد السياسي حتى هذه اللحظة، قد يبدو الغور في ثنايا ما سعي إليه الباحث-الناقد الظاهر عبر عقد هذه الصلة المتماهية التي جمعت الأثنين “شكسبير وماركس”،مستنداً على العديد والمفيد من الدراسات العالمية الرصينة التي ناقشت ونقشت على فصوص ونصوص عقد هذه الصلة شذرات وعي وتقارب حفل بهما ألق و رونق ذلك  التبادل الفكري والذهني والإعتباري من نوافذ ما توّصل اليه الباحثون المختصون بهذا الشأن،عن مديات تأثر ماركس عبر بواعث وبوادر بدايات وعيه وتشكّل خواص عبقريته أبّان تبرعم إهتماماته بالأدب على وجه العموم، وبأعمال شكسبير على وجه أخص، حيث نشأ وترّبى وترعرع في كنف بيت يسكنه الشغف ويغلفه عشق وولع هائم  بأعمال كاتب وممثل وشاعر فذ الذي بلغت قائمة أعماله المسرحية (44) عملاً خلّاقا، كما وشاء أن انتقلت “عدوى” هذا الاهتمام والشغف -فيما بعد- إلى عموم أسرة ماركس الذي كان قد تلقى تشجعياً من والده على القراءة بنهم، فيما كان المعلم الثاني للصبي ماركس صديق والده البارون لودفيج فون ويستفالن، فمن نصحهُ وتنبيهه تعرّف ماركس على الشعر والموسيقى، ثم على أبنته “جيني” التي أصبحت زوجته بعد ذلك، لينتقل هذا الحبّ والانتماء والاهتمام الى أبنتهم وأبنهم  من ثمرة ذلك الزواج في سياق تحصيل حاصل في بنية هذا البيت، أجد بالإشارة إلى علاقة ماركس بالصحافة،أهمية معينة وضرورية في التعرّف على خلفيات إهتماماته خارج أطر السياسة والإقتصاد، كونها خبرة إضافية لمجمل ملكاته المعروفة كما تشير- إلى ذلك- أحدى صفحات الكتاب بما يتعلّق ومهام عمله  في المقام الاول كصحفي أيام كان يكتب تحليلات لقضايا محلية ودوليّة في عدد من صحف ألمانية، فرنسية، بريطانية وأمريكية إلى جنب  تحليلات سياسية مستفيضة عن الثورات التي حدثت في عهده، أمثال ثورات 1844-1849 الأوربية وكمونة باريس/ 1871 وغيرها، كما وادّى انغماره في تتبع براعات ما أنجزه  شكسبير الى تطوّر واضح في حيثيات نمط الشخصيات التي أستأثر فيها واستفاد منها في التعبيرعن فهمه وتحليله لمجريات نقده السياسي، للحد الذي حدا بمنظوره أن يتجاذب من خلال تعاملاته مع الأدب، في فهم الظروف والعوامل التأريخية وتطويعها بإتجاه المسائل البنيوية للمجتمع، ومدى أثار كل ذلك على طبيعة التفاعل النقدي والنهج التحليلي للجوانب والمستويات التي تتكوّن  منها المجتمعات وفهم طبيعة مثل هذه العلاقات، بالأخص المتعلقة  بقضايا الصراع الطبقي ونواتجه الكارثية المعروفة، شاء وتجلّت مساعي كتاب رضا الظاهر في تبني منهجية دراسة أعمال شكسبير وتحليلها بمنظار ماركسي، وفق ما أسماه “دراما رأس المال”، من خلال -على سبيل المثال لا الحصر- شخصية المرابي اليهودي “شايلوك” في مسرحية تاجر البندقية، كونها الشكل الناطق بأسم الرأسمالية في بدء تكويناتها،ثم مراحل تطوراتها،أو كما تناولت مسرحية العاصفة، أو بإعادة قراءة  شخصية هاملت، وما تأجج  في دواخلها من مكابدات شك وقلق و إمتعاض،فضلا عن غيرها من أعمال نالت الكثير والمثير من اهتمامات كارل ماركس في نفحات هذا الكتاب الشيّق.

ح.ع.الحميد

صاحب الإمتياز ورئيس التحرير

   

 

 

 

You May Also Like

More From Author

+ There are no comments

Add yours