الصمت .. ليس دائماً قوة، كما يجب الأخذ بالإعتبار بعبارة الساكت عن الحق هو شيطان أخرس، ولا ننكر قول من قال؛”إن لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل”، أما بعد أود أن ألفت عنايتكم إلى أن أول من أعلن عن مقاومته لمّا أطلق عليه بـ “فساد الصمت” هو تشي جيفارا، جرى ذلك عبر ما دار في الإجتماع الأول لقيادة الثورة الكوبيّة/1959 برئاسة كاسترو، في الإجتماع الذي جرى فيه توزيع المسؤوليات الوزاريّة ما بين قادة الثورة، كذلك الحديث عن مخاطر البناء البيروقراطي في نسيج الدولة الثورية، حيث قال جيفارا من جملة مال قال-إيضاً- ” إن الثورة تتجمّد، وإن الثوّار ينتابهم الصقيع حين يجلسون على كراسي السلطة، وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثوّرة مُجمّدة في داخلي”، لكلام الثائر جيفارا هذا علاقة -بشكل وأخر- بما أود الحديث عنه حول هول ما جرى وحصل في الكوت -وسط قلب العراق- جرّاء عواقب فاجعة حريق “هايبر ماركت الكورنيش”،أربعاء السادس عشر من تموز الجاري، إذ لا ينبغي على مرارة علقم هذا المأساة أن تمرُّ هكذا، كما مرّت غيرها من مصائب وحرائق لم تزل حمم نيرانها تستعر وتكوي ذواكرنا ومشاعرنا، كتلك التي شهدها الماضي القريب، والقريب جداً في عراقنا الجديد ،من خلال فداحة ما حصدته مسلسلات وكوارث هذا النوع الفاحم من حالات التجني والتفريط بأرواح أبناء شعبنا الابرياء الانقياء ،فما نكاد نشعر ببعض علائم فرح و سعادة أحساس ومشاعر راحة نفحة من أمن وأمان، حتى تنهال على رؤوسنا زلزال من فجائع وأفواج سخط وغضب وشواهد ضيم ونواح، فاجعة الكوت تستدعي وتسترعي الكثير من تقليب جمرات ملفات وقائع الآسى التي عشناها وشهدناها قبل وبعد سقوط النظام، والذي يتحمّل بدوره كل أهوال مثل هذه الكوارث من متواليات مصائب وكدر أحزان على أشكال وألوّان مختلفة ومتعدّدة، ممّا شهده أبناء العراق ،الذي هو من أغنى بلدان المنطقه، وربما في العالم، أدّعي دائماً من ذاكرة الفرد أيقظّ وأقوى من ذاكرة الجماعة، فهي مَنْ تحفظ وتتذّكر كلل مصائب ما مرّ به عراقنا من حروب وحصارات واحتلالات،أن ما حصل في الكوت لا يمكن غض النظر عنه أو تغاضيه تحت أي طائل وحالٍ من تبرير وتمرير، ورمي اللوم على هذا الطرف أو ذاك، والكف عن نسج وترويج قصص وحكايا، من شأنها أن تُسهم – من دون ما نعلم- في تضلل وتضيع مسارات الوصول والحصول على ما ينفع الحقيقة وجوهر الحدث،هنا .. يحضرني مثل صيني يدّعي ؛” عندما ينبح كلب واحد، متوهماً رؤية شبح، يتولى عشرة الآلف كلب مهمة تحويل الشبح إلى حقيقة”كما أود أن أختم المقال بذكاء وعبقرية ما أفاد به كارل ماركس؛(إذا قُدّر للتأريخ أن يعيد نفسه، يكون في المرة الاولى “مأساة،”و في الثانية “ملهاة”) .. لا تعليق !
+ There are no comments
Add yours